نواكشوط
جسدت مشاركة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في مؤتمر القمة العالمية للمناخ في نسختها السابعة والعشرين في شرم الشيخ، بجمهورية مصر العربية، تجليا جديدا لحرص موريتانيا على أخذ زمام المبادرة وعلى أعلى المستويات، في مختلف القضايا التي تهم المصلحة العليا للمعمورة وساكنتها.
ففضلا عن مشاركة فخامته في الشق الرئاسي للقمة السابعة والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغير المناخي كوب 27، شارك فخامته في النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر، وحضر على هامش القمة إطلاق تحالف دولي لمكافحة التصحر يضم 50 دولة ومنظمة، قبل أن يحضر طاولة مستديرة حول الاستثمار في طاقة المستقبل، الهيدروجين الأخضر.
وفي خطابه أمام الجلسة الافتتاحية للشق الرئاسي من قمة المناخ، أكد فخامته أن موريتانيا مصممة على خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 11%، ورفع نسبة الطاقات المتجددة في إجمالي استهلاكنا الطاقوي إلى 50% في أفق 2030، كما ستتعزز جهودها في هذا المجال، ببرنامج واسع لتطوير الهيدروجين الأخضر هو الآن قيد الإطلاق.
وأضاف فخامته أنه علاوة على جهودها في ترقية الطاقات النظيفة التي تغطي اليوم نسبة 40% من مجموع الطاقات المستخدمة، فإن موريتانيا مستمرة في مكافحة التصحر في إطار مبادرة السور الأخضر الكبير واللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في منطقة الساحل.
كما أكد فخامته خلال مشاركته في النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر، أن الإجراءات المتخذة تحت مظلة هذه المبادرة علاوة على ما تسهم به من تأثير إيجابي على البيئة ستشكل دعما قويا لجهود القارة الإفريقية في مواجهة التغيرات المناخية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية وعلى وجه الخصوص الجهود التي تقوم بها موريتانيا بهذا الخصوص.
وأبرز رئيس الجمهورية أن هذه المبادرة التي أطلقها سنة 2021 صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، رئيس مجلس الوزراء، تؤكد التزام المملكة العربية السعودية وريادتها للجهود الدولية من أجل بناء مستقبل أكثر استدامة للعالم أجمع، كما تترجم حرصها على المقاربة الجماعية في مواجهة تغير المناخ في جميع أنحاء المنطقة.
وأكد فخامته دعم موريتانيا لهذه المبادرة وللرؤية الاستشرافية الثاقبة التي توجهها، راجيا لها ولمطلقها كل التوفيق والنجاح.
وتناول رئيس الجمهورية الكلام كذلك في حفل إطلاق تحالف دولي لمكافحة التصحر يضم 50 دولة ومنظمة، وجاء بمبادرة مشتركة من الرئيس السينغالي السيد ماكي صال ورئيس الوزراء الإسباني السيد بيدرو سانشيز.
وعبر فخامته في كلمته بالمناسبة عن شكره الجزيل لصديقيه الرئيس ماكي صال ورئيس الوزراء الإسباني السيد بيدرو سانشيز على إطلاق هذه المبادرة الهامة، معبر عن التزامه الراسخ إلى جانبهم، بتعزيز وتطوير هذه المبادرة، التي تسعى إلى تحفيز الزخم السياسي والإجراءات التي تهدف إلى الحد من تعرض البلدان والمجتمعات لآثار الجفاف.
وذكر فخامته بأن موريتانيا تأثرت بشدة، بالجفاف الذي يصيب حوالي 80٪ من أراضيها وتعاني من وطأة أثاره السلبية والمتعددة الأوجه، مثل الحد من إنتاجية التربة والمياه وانعدام الأمن الغذائي والنزوح من الريف، مشيرا إلى أن هذه التأثيرات تتضاعف غالبا بسبب الفيضانات وغيرها من الظواهر الناجمة عن تغير المناخ.
وأكد سيادته أن موريتانيا لمواجهة هذا الوضع، ملتزمة بحزم، بمكافحة التصحر، من خلال اللجنة المشتركة بين الدول لمكافحة الجفاف في منطقة الساحل ومبادرة السور الأخضر العظيم، وغيرها من المبادرات، ومن ناحية أخرى، بتعزيز صمود السكان عبر الرفع من مستوى شمولية الخطط التنموية، وإعادة النظر في أساليب الإنتاج في القطاع الريفي، ومن خلال تقديم دعم كبير للسكان الضعفاء.
وأبرز فخامته أن موريتانيا مقتنعة بأن هذا التحالف الدولي يشكل إطارًا مناسبًا لتعزيز تحول نموذجي في التعامل مع الجفاف، وتشجيع المبادرة، وتسهيل نقل المهارات، وتعبئة الموارد.
وحث رئيس الجمهورية جميع الدول، على الانضمام إليه متمنيا له التوفيق والنجاح.
وعلى هامش قمة المناخ كذلك، شارك فخامة رئيس الجمهورية، في طاولة مستديرة حول الاستثمار في طاقة المستقبل: الهيدروجين الأخضر، تحت الرئاسة المشتركة لفخامة السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية؛ ومعالي المستشار الألماني السيد أولاف شولتس.
وهنأ رئيس الجمهورية في مداخلة له خلال هذا اللقاء، أخاه صاحب الفخامة، السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، على دوره الريادي في المعركة المشتركة ضد التدهور البيئي والتغيرات المناخية، مبرزا أنها “معركة مصيرية، يظل النصر فيها رهينا بقدرتنا على تحقيق انتقال بيئي مستدام، بالاعتماد على الطاقات المتجددة”.
وذكر رئيس الجمهورية إجماع المشاركين في قمة التغير المناخي COP 26 بكلاسكو، على كون الهيدروجين الأخضر يشكل عنصرا أساسيا في عملية التحول الطاقوي، إذ يمثل مصدرا لطاقة نظيفة وموثوقة، يمكن أن تعوض الطاقات الأحفورية، في مجالات استخدامها، كالنقل، والكهرباء، والصناعات وبالأخص صناعات الصلب.
وأوضح أن موريتانيا تتوفر على إمكانات كبيرة على مستوي المصادر المتجددة للطاقة، قدرت من طرف الوكالة الدولية للطاقات المتجددة بأكثر من ألفين وأربع مائة GW منها خمس مائة GW قابلة للتطوير فورا، مع الاحترام الدقيق للنظم الفنية والبيئية الأكثر صرامة.
وأبرز أن الجزء الكبير من هذه المصادر يوجد في الشمال الغربي للبلاد، وهي منطقة قريبة من الساحل، ذات كثافة سكانية ضئيلة، وتشكل، في الآن ذاته، إحدى المناطق القلائل في العالم التي تتمتع بموارد متجددة، من شمس ورياح، على مدار العام.
وأضاف ان هذه الخصائص النادرة تجعل من هذه المنطقة، إحدى المناطق ذات المقومات الكبرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، في العالم.
وأكد أن موريتانيا عملا على استغلال هذه الإمكانات، وضعت خارطة طريق لتطوير الهيدروجين الأخضر، تتضمن إنشاء إطار مؤسسي وتشريعي لهذا القطاع الجديد، وتطوير المصادر البشرية الضرورية له.
وقال فخامته إن خارطة الطريق هذه تهدف إلى جعل موريتانيا، منتجا ومصدِرا رائدا للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وإلى المساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد، لإيقاف استخدام الكربون في قطاعات النقل والمعادن، وكذلك إلى تسريع الولوج الشامل للمواطنين للخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب .
وأبرز أن تنفيذ خارطة الطريق هذه، سيساهم في تحقيق نمو اقتصادي استثنائي، وخلق عشرات آلاف فرص العمل، وتفادى انبعاث كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري.
وقال إنه في سياق تنفيذ هذه الخارطة، وقعت موريتانيا على عدة اتفاقات – إطارية مع مطورين دوليين، لإقامة مشاريع تمكن من إنتاج 2.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر و14.5 مليون طن من الأمونياك الأخضر في السنة، وكانت آخر هذه الاتفاقيات مع شركة ابريتش بتروليوم.
وأضاف أن تطوير الهيدروجين الأخضر يوفر فرصة استثنائية لخفض انبعاثات الكربون في الدول النامية، ولتسريع تنمية القارة الإفريقية التي تتوفر على موارد شمسية هائلة.
وأبرز أن موريتانيا تصميما منها على ترقية استغلال هذا المصدر الطاقوي، شكلت، بمعية سبع دول أخرى، من بينها جمهورية مصر العربية الشقيقة، تحالفا إفريقيا للهيدروجين الأخضر.
وشدد رئيس الجمهورية على إدراك موريتانيا بأنه لا زال يعترض سبيل استغلالها للهدروجين الأخضر عقبات كثيرة تتعلق مثلا بحل مشاكل تكنولوجية، ونقل الهيدروجين الأخضر لمسافات طويلة، وتنمية سوق للهيدروجين الأخضر وغير ذلك، ولذا، فهي بحاجة ماسة للشراكات الفنية والاستثمارات الكبيرة، وهو ما تعول فيه على جميع الشركاء.