بلادنا تشارك في أعمال الدورة العادية 116 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي بالقاهرة

التأمت يوم الأربعاء الموافق 03 سبتمبر 2025، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، أعمال الدورة العادية الـ116 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري.
وقد شاركت بلادنا في هذا الاجتماع بوفد يترأسه سعادة السفير/ الحسين سيدي عبد الله الديه، سفير بلادنا في القاهرة ومندوبنا الدائم لدى جامعة الدول العربية، الذي ألقى كلمة أكد فيها حرص موريتانيا على تطوير مناخ الأعمال وتعزيز جاذبية الاستثمار، مستعرضا الإصلاحات القانونية والمؤسسات المستحدثة لتهيئة بيئة اقتصادية واعدة ترسخ مكانة بلادنا كوجهة استثمارية متميزة.
وأشار سعادة السفير في كلمته إلى مبادرة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حول الاقتصاد الأزرق، باعتبارها خيارا استراتيجيا لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز القيمة المضافة وتحسين المؤشرات الاقتصادية، لافتا إلى ما حظيت به هذه المبادرة من إشادة واسعة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة في بغداد، حيث تم اعتمادها كإطار عربي مشترك.
وفيما يلي نص الكلمة:
أصحابَ السمو والمعالي الوزراء ورؤساءَ الوفود،
معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
الحضورُ الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
يسرني أن أفتتح كلمتي بتقديم أصدق التهاني إلى معالي الأخ العزيز سمير أعبيد وزير التجارة و تنمية الصادرات بالجمهورية التونسية الشقيقة، بمناسبة تولي بلاده رئاسة الدورة (116) لمجلسنا الموقر، راجيا له النجاح والسداد في قيادة أعمال هذه الدورة. كما يطيب لي أن أنوه بجهود مملكة البحرين الشقيقة خلال رئاستها السابقة، وما قدمته من إسهامات مثمرة دعمت مسيرة العمل العربي المشترك. والشكر موصول للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، قيادةً وطاقما، على الإعداد المتميز والتحضير الجاد لاجتماعاتنا.
أصحابَ المعالي،
كان مجلسنا الموقر هذا، وما يزال، منبرا فاعلا وحاضنة جامعة لتبادل الرؤى وتنسيق السياسات التنموية المشتركة، كما شكّل على الدوام فضاءً للتشاور البنّاء حول التحديات التي تعترض اقتصاداتنا العربية، وميدانا لابتكار السبل الكفيلة بتعزيز مسيرة التكامل الاقتصادي والاجتماعي. ويعكس جدول أعمال دورتنا الراهنة حرصنا الجماعي على الدفع بمسيرة التنمية الشاملة في عالمنا العربي، حيث يتناول قضايا محورية في مقدمتها الاستثمار والتجارة، والأمن الغذائي والاقتصادي، فضلاً عن مواكبة التطورات التكنولوجية في مجالات البنية الرقميّة والذكاء الاصطناعي.
السيداتُ والسادة،
لقد أولت الجمهورية الإسلامية الموريتانية في السنوات الأخيرة أهمية خاصة لتطوير مناخ الأعمال وتعزيز جاذبية الاستثمار، فتم اعتماد حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، شملت مراجعة مدونة الاستثمارات، مطلع هذه السنة، وإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون حرية الأسعار والمنافسة. كما تم إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة فخامة رئيس الجمهورية، إلى جانب إحداث وكالة لترقية الاستثمارات.. كل ذلك من أجل خلق مناخ اقتصادي واعد، تتعزز فيه فرص النمو والابتكار، بما يرسخ مكانة موريتانيا كوجهة اقتصادية جاذبة للاستثمارات.
وعلاوة على ما سبق، بادرت بلادنا إلى توقيع اتفاقيات لحماية وتشجيع الاستثمارات مع عدد من الدول الشقيقة، تمنح من بين ضمانات أخرى، معاملةً لا تقل أفضلية عن تلك التي تمنح للمستثمرين الوطنيين. ويجري التفاوض، مع بعض الدول الصديقة، على اتفاقيات أخرى لتجنب الازدواج الضريبي.. كما أنشئ قطاع وزاري متخصص يعنى بالتحول الرقمي، وتحديث الإدارة، وتعزيز أمن المعلومات، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية.
وفي سياق آخر، ووعيا منا بقيمة الثروات البحرية وأثرها الاستراتيجي في الأمن الغذائي وخلق القيمة المضافة وتحسين مؤشراتنا الاقتصادية الكبرى تأتي مبادرة صاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية حول الاقتصاد الأزرق كوسيلة لحل مشكلة الغذاء والطاقة في العالم العربي؛ التي حازت إشادة واسعة في الدورة الخامسة الماضية للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية ببغداد، والتي اعتمدتها.
أصحابَ المعالي،
يبقى الهم الفلسطيني حاضرا في وجدان أمتنا وفي صدارة أولوياتها، فهو ليس مجرد قضية سياسية عابرة، بل قضية حق ثابت وعدل مغيَّب. وإن ما يعيشه الشعب الفلسطيني الشقيق من معاناة إنسانية مأساوية تحت وطأة العدوان الغاشم والحصار الجائر، وقد حُرم من أبسط حقوقه في الحياة الكريمة والأمن والغذاء والدواء، ليضعنا جميعا أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية جسيمة.
إن واجبنا القومي، ومعنا المجتمع الدولي، يفرض العمل الحازم على وقف هذه الجرائم، ورفع الحصار، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وصولا إلى تسوية سياسية عادلة تُفضي إلى إقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس الشرقية، مع الاعتراف بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة. ذلك هو السبيل الحق والوحيد لترسيخ الأمن والاستقرار في منطقتنا، وبغير هذا الحل العادل، ستبقى منطقتنا رهينة دوامة القهر والعنف وعدم الاستقرار.
وفي الختام،
أتطلع بكل تفاؤل إلى أن تسفر مناقشاتنا ومداولاتنا عن نتائج عملية وقرارات بنّاءة تواكب طموحات شعوبنا في التنمية، وتدفع بمسيرة التعاون الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك نحو آفاق أرحب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ضم الوفد الموريتاني المشارك إلى جانب سعادة السفير، كلا من:
الشيخ سيد أحمد محمد السالك، السفير مدير جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج؛
مصطفى سيد محمد، المستشار الاقتصادي لوزير الاقتصاد والمالية؛
عمر مولاي إدريس، المدير المساعد لإدارة التصنيف ومتابعة الإصلاحات بوزارة الاقتصاد والمالية، نقطة الاتصال بالمجلس؛
محمد محبوبي، مستشار أول بمندوبية بلادنا لدى جامعة الدول العربية.
وقد تضمن جدول أعمال الدورة الحالية عددا من الملفات الاقتصادية والاجتماعية البارزة تم اعتمادها، ومن بينها تقرير الأمين العام بين دورتي المجلس الـ115 و116، والملف الاقتصادي والاجتماعي لمجلس الجامعة على مستوى القمة المقررة في المملكة العربية السعودية عام 2026، إضافة إلى مناقشة دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تعزيز العدالة المجالية وتنمية الرأسمال البشري، إلى جانب تطورات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي، وإنشاء المركز العربي للذكاء الاصطناعي في بغداد.
وكان المجلس قد عقد الثلاثاء اجتماعا على مستوى كبار المسؤولين، خصص للتحضير لأعمال هذه الدورة الوزارية.