بلادنا تشارك في الاجتماع العاشر للمندوبين الدائمين للجامعة العربية وسفراء اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي

وخلال الجلسة المخصصة للقضية الفلسطينية، أكد سعادة السفير المندوب الدائم لدى الجامعة، في كلمته بالمناسبة، أهمية الحوار والتشاور السياسي في إدارة الأزمات، مشددا على محورية القضية الفلسطينية، معتبرا أن الالتزام تجاهها يشكل المؤشر المعياري لمدى التزام الفاعلين الدوليين بمبادئ الإنصاف والشرعية، وبالقيم الإنسانية عموما.
ونبه إلى أن الشعب الفلسطيني، الذي يعد من أكثر شعوب العالم معاناة، وقد حمل عبء عقود من الاحتلال والتهميش، ما يزال يترقب أن تتحول العدالة الدولية إلى ممارسة واقعية تضع حدا لمعاناته المستمرة، وتفتح أمامه آفاق إقامة دولته المستقلة.
وطالب الشركاء في الاتحاد الأوروبي، انطلاقا من الروابط القائمة معهم إلى الاضطلاع بدور فاعل ومسؤول في دعم المسار الرامي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقا للقرارات الدولية والمرجعيات القانونية ذات الصلة.
وفي الجلسة الخاصة ببند ما يستجد من أعمال، قدم المندوب الدائم مداخلة تناولت سياسة بلادنا بشأن الهجرة والنزوح الجماعي، عرض خلالها بالأرقام والمعطيات الأعباء التي تتحملها الدولة في التصدي لهذه الظاهرة.
وفيما يلي النص الكامل لكمة سعادة السفير:
سعادة السفيرة/ Delphine PRONK رئيسة اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي،
سعادة السفير/ حمد الزعابي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة، رئاسة مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري،
أصحابَ السعادة السفراء،
يشرفني أن أمثل الجمهورية الإسلامية الموريتانية في هذا اللقاء العربي الأوروبي، الذي يندرج ضمن مسار تراكمي من الحوار المؤسسي بين المجموعتين العربية والأوروبية، اتسم بقدر من النضج والتفاعل حتى غدا إطارا رحبا لإنتاج التفاهم وتوسيع مساحات التقارب. ويجسد هذا اللقاء وعيا متناميا بأن سياقات الجغرافيا السياسية، لا يمكن أن تلغي الجوار الإنساني، وأن المصالح الاستراتيجية تحتاج دائما إلى أن تؤطر ضمن منظومة قيمية تعلي من شأن الأمن والسلام والكرامة الإنسانية.
أصحابَ السعادة السفراء،
الحضور ُالكريم،
ينعقد اجتماعنا في مرحلة دولية تتقاطع فيها مسارات الأزمات مع فرص التعاون، حيث لم يعد الحوار خيارا دبلوماسيا بقدر ما أصبح أداة استراتيجية لإدارة التعقيد البنيوي الذي يغلب على راهن الحياة الدولية. وفي سياق كهذا، تقتضي تحولات الزمن السياسي العالمي من التحالفات الإقليمية، ومنها الفضاءان العربي والأوروبي، إعادة ضبط أدوارها الوظيفية بما يحقق قدرا أكبر من التوازن والمشاركة الفاعلة في صياغة المستقبل المشترك.
وضمن هذا المشهد، تتجلى القضية الفلسطينية كمؤشر معياري على مدى التزام الفاعلين الدوليين بمبادئ الإنصاف والشرعية ومواقفهم تجاه القيم الإنسانية.
إن الشعب الفلسطيني، الذي يعد من أكثر شعوب العالم معاناة، وقد حمل عبء عقود من الاحتلال والتهميش، ما يزال يترقب أن تتحول العدالة الدولية إلى ممارسة واقعية، تضع حدا لمعاناته المستمرة وتفتح أمامه آفاق إقامة الدولة المستقلة.
وانطلاقا من الروابط التاريخية والثقافية والإنسانية التي تشكل العمق الرمزي للعلاقات العربية الأوروبية، تدعو الجمهورية الإسلامية الموريتانية شركاءها في الاتحاد الأوروبي إلى الاضطلاع بدور فاعل ومسؤول في دعم المسار الرامي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقا للقرارات الدولية والمرجعيات القانونية ذات الصلة.
أصحابَ السعادة السفراء،
إن تبني موقف أوروبي أكثر انسجاما مع المبادئ الجوهرية للعدالة الدولية سيسهم بلا شك في تعزيز الثقة المتبادلة بين الأطراف، ويعيد للشرعية الدولية دورها المحوري في تنظيم العلاقات بين الدول على نحو يضمن التوازن والاحترام المتبادل. ومن هذا المنظور القيمي، الممتد من العدالة إلى المسؤولية، يتجلى بعد آخر لدعم إقامة الدولة الفلسطينية، إذ لا يقتصر هذا الدعم على كونه موقفا سياسيا فحسب، بل يشكل اختبارا عمليا لأصالة التزام المجتمع الدولي بمبادئ الإنصاف والمساواة، وقدرته على ترجمة هذه المبادئ إلى واقع ملموس يتجسد في سياسات وأفعال واقعية.
ولعل القيم المشتركة بين الحضارتين العربية والأوروبية — الحرية، الكرامة، والإنصاف — هي التي ينبغي أن تشكل الإطار المرجعي لسلوكنا في إدارة النزاعات وتوجيه السياسات الدولية، إذ إن السلام العادل والمستدام لا يقوم على موازين القوة وحدها، بل يتطلب إرادة صادقة لإرساء البنية الأخلاقية للعلاقات الدولية وضمان احترام حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، تجدد الجمهورية الإسلامية الموريتانية التزامها الثابت بدعم كل مبادرة، سواء كانت إقليمية أو دولية، من شأنها ترسيخ الأمن الجماعي وتعزيز التنمية المشتركة. كما تؤكد أن التعاون العربي–الأوروبي، متى استند إلى أسس من الشراكة المتكافئة والاحترام المتبادل، يمكن أن يتجاوز كونه مجرد إطار تعاون تقليدي، ليصبح نموذجًا متقدمًا للدبلوماسية متعددة الأطراف في خدمة الاستقرار العالمي وتعزيز حسن الجوار بين الأمم.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله.



